نعم ، إنه شوقٌ غريب ، وفرحُ لا يوصف.
تعودنا أن يكون الشوق بين المخلوقات ؛ بين الابن وأبيه ، والزوج وزوجته ، وحتى بين الحيوانات تجد شوق الصغار لأمهم ، وانظر إِلى الطيور ترى شوقاً عامراً بينهم ، ولكن العجب يملأ الفؤاد حينما يكون الشوق من جنازة إِلى قبر.
نعم ، إنه القبر؛ الحفرة العجيبة ، ذات التراب ، وذات الديدان.
إن القبر ينتظر رجال ونساء وهو في قمة الحب لهم ، والشوق ليسكنوا فيه.
وتأمل معي هذا الحديث: ( إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني ، وإن كانت غير ذلك قالت: يا ويلها، أين يذهبون بها ؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الثقلين - أو قال: إلا الإنسان - ولو سمعه لصعق ) صحيح البخاري [ 1230].
إِنه لحديث جديرٌ بالتأمل والتفكير والتدبر " قدِّموني " إِنها جنازة ، تتكلم ، تعبِّر ، تنطق ، تنادي ، يا رجال " قدِّموني " " ضعوني " " أنزلوني " " اتركوني " ابتعدوا عني ، لا أريدكم ، يكفيني ذلك القبر.
إِنها جنازة صالحة لرجل أو امرأة كان مع الله ، في عبادة وطاعة وخشوع وخضوع .
والنهاية : شوق القبر لأولئك الصالحين والصالحات ، إِنه جزاء الإحسان، وصدق الله: ( هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ ) .
إِن الجنازة الصالحة تُحِبُّ القبر؛ لِما تعلم من أنَّ القبر سيتقبَّلها بالأنوار، وتفتيح أبواب الجنان ، والروح والريحان.
ومضة : كن مع الله فوق الأرض يكن معك تحت الأرض.